تحفة كوجيما تولد من جديد: Metal Gear Solid Delta هل تتفوق على أسطورة الماضي؟

لم يكن الاقتراب من عملٍ أسطوري بحجم Metal Gear Solid 3: Snake Eater بالأمر الهين على الإطلاق. فهذه اللعبة التي نحتها عقل المبدع هيديو كوجيما، ظلت لسنوات طويلة أيقونة متكاملة في عالم ألعاب الفيديو، تحفة فنية لا يجرؤ أحد على المساس بها. مجرد فكرة إعادة إنتاجها كانت تثير مزيجًا من القلق والترقب بين عشاقها، وربّما السخرية لدى البعض. لكن مع الكشف عن Metal Gear Solid Delta: Snake Eater، تبددت المخاوف لتحل محلها دهشة وإعجاب، فقد وجدت الأسطورة طريقها للعودة، ولكن بحلّةٍ لم تكن في الحسبان.
هذه المرة، لم تكتفِ شركة “كونامي” وفريق التطوير “Virtuos” بإعادة تقديم القصة الكلاسيكية فحسب، بل قاموا بعملية صقل دقيقة لهذه الجوهرة، مستخدمين أحدث التقنيات المعاصرة التي يوفرها محرك Unreal Engine 5. النتيجة كانت تجربة تتجاوز مفهوم “الريميك” التقليدي، لتقدم نفسها كخطوة تطورية تليق بالإرث العظيم الذي تحمله السلسلة، بل وتتفوق على الأصل في كثير من الجوانب.
Metal Gear Solid Delta عودة إلى ستينيات القرن الماضي بلمسة عصرية
عام 2004 كان استثنائيًا بكل المقاييس. حينها، أذهل هيديو كوجيما العالم عندما كشف عن MGS 3 لأول مرة على جهاز PlayStation 2، اللعبة التي أصبحت درة تاج هذا الجهاز وأعادت تعريف ألعاب التسلل. لأول مرة، صُدم اللاعبون ببيئة الغابة الكثيفة التي أصبحت مسرحًا لعمليات التجسس، وآليات التمويه والبقاء الفريدة التي قدمتها، والعمق السينمائي للقصة. شعرنا آنذاك أن كوجيما قد سبق عصره بسنوات ضوئية.
اليوم، وبعد طول انتظار، تعود تلك التجربة بنسخة Delta، لتقدم للاعبين القدامى فرصة نادرة لاستعادة تلك الذكريات الخالدة، وللجيل الجديد فرصة لاكتشاف سبب اعتبار هذه اللعبة واحدة من أعظم ما قدمته الصناعة. لقد نجحت “كونامي” في اختيار الفريق المناسب لهذه المهمة شبه المستحيلة، مقدمةً ريميكًا يحترم الأصل ويبني عليه ببراعة.
فلسفة البقاء ودراما إنسانية في قلب الغابة
ما يميز Metal Gear Solid 3، سواء في نسختها الأصلية أو في نسخة Delta، هو نقلها مسرح الأحداث من البيئات الصناعية والقواعد العسكرية إلى غابات الاتحاد السوفيتي الكثيفة خلال حقبة الحرب الباردة في الستينيات. هذا التغيير الجذري لم يكن مجرد تحول بصري، بل فرض على اللاعبين تبني عقلية جديدة تمامًا في التخفي والبقاء. فبدلًا من الاختباء خلف الجدران الفولاذية، أصبح على “Naked Snake” الاندماج مع الطبيعة، واستخدام نظام تمويه متقن يعتمد على اختيار الزي وطلاء الوجه المناسبين.
أضافت اللعبة أيضًا نظام بقاء عميقًا يفرض على اللاعب البحث عن الطعام للحفاظ على قدرته على التحمل، ومعالجة الإصابات والجروح بشكل يدوي، من إزالة الرصاص إلى تضميد الكسور. كل قرار صغير، من اصطياد حيوان إلى اختيار نبتة للأكل، أصبح جزءًا لا يتجزأ من معركة البقاء الكبرى. هذه الأفكار التي قدمها كوجيما في 2004، ألهمت عددًا لا يحصى من ألعاب البقاء التي صدرت بعدها.
تحديثات تقنية تعزز التجربة دون المساس بالجوهر
مع Metal Gear Solid Delta، تم إعادة بناء كل شيء من الصفر باستخدام محرك Unreal Engine 5، مما أتاح تقديم بيئات واقعية بشكل مذهل، وتأثيرات بصرية محسنة، وتفاصيل دقيقة لم تكن ممكنة في الماضي. فالإضاءة والظلال، وحركة المياه، وتفاصيل النباتات، كلها تساهم في خلق عالم غامر وحيوي.
من أبرز الإضافات التقنية هو نظام الضرر الجديد، حيث تظهر الإصابات والجروح على ملابس وجسد “Snake” بشكل دائم، مما يعزز الشعور بالواقعية والخطر المستمر. كما تم توفير خيار اللعب بنظام تحكم عصري يمنح كاميرا حرة من منظور الشخص الثالث، إلى جانب الحفاظ على نظام الكاميرا الكلاسيكي لمحبي التجربة الأصلية.
مراجعة وتقييم Metal Gear Solid Delta: Snake Eater
هذه المراجعة تميل إلى الجانب الفلسفي والشعوري أكثر من كونها تقييمًا تقنيًا بحتًا، فالنواحي التقنية في هذه التجربة تكاد تكون خالية من العيوب. إنها رسالة موجهة في المقام الأول إلى اللاعبين الذين عايشوا التحفة الأصلية، وربما قد لا تصل بنفس العمق إلى اللاعبين الجدد.
الإيجابيات:
- قصة خالدة وعميقة: لا تزال قصة اللعبة هي القلب النابض للتجربة. إنها ليست مجرد قصة تجسس سطحية، بل دراما إنسانية معقدة تدور حول الولاء، الخيانة، التضحية، والحب، وتطرح أسئلة فلسفية عميقة.
- توجه فريد في أسلوب اللعب: قدمت اللعبة مزيجًا عبقريًا يركز على عنصر البقاء في بيئة طبيعية، مع آليات مبتكرة مثل نظام التمويه، ونظام العلاج اليدوي، والبحث عن الطعام، ونظام القتال القريب (CQC).
- معارك زعماء أسطورية: لا تعتمد المواجهات على القوة الغاشمة، بل تتطلب ذكاءً واستراتيجية. كل زعيم يمثل لغزًا فريدًا يتطلب طرقًا مبتكرة لهزيمته، مثل معركة “The End” الملحمية، أو المواجهة النهائية المشحونة عاطفيًا التي قد لا ترغب فيها بإطلاق رصاصة واحدة.
- تحفة بصرية وسمعية: بفضل محرك Unreal Engine 5، تتمتع اللعبة برسومات وموسيقى تصويرية وأداء صوتي (مع الحفاظ على الأصوات الأصلية) من بين الأفضل في الصناعة حاليًا.
- حرية تكتيكية: تمنح اللعبة اللاعبين حرية الاختيار بين أسلوب التسلل الصامت أو المواجهة المباشرة، مما يضيف عمقًا استراتيجيًا لإتمام المهام.
- خيارات لعب متنوعة: إتاحة الاختيار بين نظام الكاميرا الكلاسيكي والحديث، بالإضافة إلى فلاتر بصرية ولمسات عصرية، يضمن تجربة مريحة لكل من اللاعبين القدامى والجدد.
تعرف على: كنوز بلايستيشن المنسية: رئيس سابق يكشف عن أحلامه بعودة العناوين الغائبة